تحدثت السفيرة الأميركية لدى ليبيا ” ديبورا جونز ” عن طرابلس بتفاؤل حذر ينبع من ثقة كبيرة بالليبيين وقدرتهم على التوصل الى اتفاق وحكومة توافق.
وقالت في حديث إلى لـ ( صحيفة الحياة ) في مكتبها في واشنطن أن تعاضد الميليشيات يشكل تحدياً بارزاً أمام أي حكومة مقبلة، وأبدت أسفها لحكم الإعدام الصادر بحق سيف الاسلام القذافي.
كذلك عبّرت ” جونز ” عن قلق من النبرة الخطابية للفريق ” خليفة حفتر “، وقالت: «كنا واضحين جداً بأن خطابه مثير للقلق، لجهة قوله ان الجيش لن يخضع للقوانين المدنية، وهذا أمر نعارضه بالكامل».
ووصفت ” حفتر ” بأنه «شخص مثير للإشكال ورصيده موضع جدل».
وأشارت ” جونز ” ان تشكيل مجلس الدولة وتوزيع صلاحياته ودوره «من بين النقاط العالقة في اتفاق الصخيرات. إلا ان الحوار هيأ لمجموعة مبادئ، لبناء دولة مدنية. وهذه المرة الأولى التي تتوصل ليبيا الى هكذا وثيقة» المنبثقة عن الحوار. وزادت ان هذه الوثيقة «ليست كتاباً أخضر ولا وثيقة دولية، بل ليبية كتبها ليبيون وتناقشوا حولها، وفيها خريطة طريق لحكومة توافق، لبناء الدولة».
ورأت ” جونز ” ان «الديموقراطية ليست هدفاً نهائياً بل مسار، ونعلم من تاريخنا أنها صعبة وعلى الليبيين أن يبنوا بيتاً لهم جميعاً».
وعن مسار المفاوضات، قالت هناك اليوم «مسودة رابعة وملحقات ونقاط صعبة ليس من المستحيل تخطيها مثل تشكيل مجلس الدولة، وكيفية اختيار أعضائه وماهية صلاحياتهم، وهل سيكون له فيتو أم لا؟».
ورفضت الجزم بأن المسودة الرابعة ستكون الاخيرة، وقالت: «لا يعود للمجتمع الدولي تحديد أين يتوقف مسار يفترض ان تكون مرجعيته في الدستور. علينا الدفع الى الأمام والتوصل الى حكومة وطنية يمكن الجميع دعمها».
ورأت ” جونز ” ان «الليبيين يريدون نظاماً رئاسياً من دون سلطة مركزية قوية ويؤمنون بأن الشريعة مقبولة كأساس لدستورهم».
وحذرت ” جونز ” من أن «الذئاب تحوم حول البيت الليبي وعلى الليبيين الاهتمام بأنفسهم، وحماية البيت». واضافت: «ليبيا ليست لبنان، قد تكون ليبيا مضعضعة جغرافياً وسياساً وقبلياً ولأن معمر القذافي لم يسمح ببناء مؤسسات سياسية، لكن ما من أحد في ليبيا يريد التقسيم».
واضافت: «ما رأيته في جنيف والصخيرات، هو أنه عندما يتواجد الليبيون في غرفة واحدة ويحسون ببيئة آمنة يمكن أن يتوصلوا الى اتفاق، وسندعمهم وستكون عملية صعبة وهشة لكن سننجزها».
واعتبرت ان الأزمة ليست ناجمة من مواجهة بين الشرق والغرب او بين ليبراليين واسلاميين «أنا أراها من منظار أكثر براغماتية، نتيجة لتلكؤ الحكومات في توزيع الثروات وتوفير الخدمات للمواطنين، والأمن والقانون والتجارة». واستخدمت مقاربة من أفلام «العراب» لتقول ان «ما يحصل في ليبيا أن الوالد كورليوني مات، وليس هناك من مايكل لخلافته بل الكثير من ساني».
واعتبرت ان التحدي الأول لأي حكومة توافقية مقبلة، «سيكون في تفكيك تعاضد الميليشيات وهذا لن يكون مستحيلاً، اعرف العديد من هؤلاء الأشخاص وتعاطيت معهم أحياناً».
وعن إنجازات واشنطن في الحرب على الارهاب في ليبيا مثل اعتقال ” أبو أنس الليبي ” قالت جونز: «لا نتهاون في نشاطاتنا ضد الارهاب ومصرون على منع ليبيا من التحول ملاذاً له، وسنأخذ كل الخطوات في إطار القانون».
وزادت: «نفهم قلق جيران ليبيا من زعزعة الاستقرار. إنما الليبيون أيضا يتذمرون من أن العديد من أعضاء أنصار الشريعة هم تونسيون أتوا من بلادهم».
واعترفت بأن مشكلة داعش تكبر في ليبيا التي يراها التنظيم أرضاً خصبة، لكنها رأت ان طبيعة داعش مختلفة في ليبيا وتحالفاته غير متينة، وقدرت عدد أعضائه هناك بحوالى ثلاثة آلاف، ولاحظت ان مقاتلي أنصار الشريعة حملوا السلاح ضد «داعش».
واعتبرت ” جونز ” حكم الإعدام ضد سيف القذافي «تطوراً مؤسفاً، يقوض الثقة بالقضاء وصدقيته» وحضّت ليبيا على الالتزام بالمحكمة الدولية.
وعن السجال المستمر حول تدخل الحلف الاطلسي في ليبيا عام 2011، قالت: «تعبت من الجدل حول ما اذا كان التدخل صحيحاً أم لا، عندما بدأت الثورات في القاهرة، لم يضرب الجيش المصري المواطنين وكذلك في تونس، لكن في ليبيا اطلقت النار على الشعب، والمشكلة أن احداً منا لم يفهم عمق الانقسام والتضعضع في الدولة الليبية».